أصدرت وزارة المالية النشرة الشهرية المتضمنة للبيانات المالية عن أول شهرين من العام الحالي، ورغم انقضاء الثلث الاول من العام الا انه يحسب لوزارة المالية شمولية بياناتها ومصداقيتها وشفافيتها وتغطيتها العديد من التفاصيل التي تتيح فهماً أعمق لمختلف جوانب المالية العامة، وتعتبر مرجعاً وقاعدة لاتخاذ القرارات اللازمة لتصويب ما قد يظهر من مصاعب ومعيقات خلال مرحلة تنفيذ الموازنة العامة.
تشير البيانات المنشورة مقارنة بأول شهرين من العام الماضي الى أن الايرادات العامة ارتفعت بنسبة 4%، أما الايرادات المحلية فقد أرتفعت بنسبة 7%، ومنها الايرادات الضريبية التي ارتفعت بنسبة 4%، ومن الملاحظ أن ايرادات بيع العقار انخفضت بنسبة تزيد قليلاً عن 6%، كما انخفضت أيضاً حصيلة ضرائب الدخل والارباح بنسبة تصل الى 15%.
وبمقارنة النسب المتحققة مع تلك المتوقعة في خطاب الموازنة العامة المقارن باعادة التقدير، فقد كانت نسبة النمو المتوقعة للايرادات المحلية تبلغ حوالي 10%، أما الايرادات الضريبية فكان من المتوقع أن تنمو بنسبة 12.7%، ولعله من المبكر القفز الى استنتاجات محددة خاصة فيما يتعلق بالايرادات الضريبية حيث أن موعد تقديم الاقرارات الضريبية يمتد حتى نهاية الربع الاول من العام، ونتوقع ان تنمو الايرادات بوتيرة اسرع خلال الثلث الاول خاصة في ظل نمو الاقتصاد الوطني بمعدل اعلى من المتوقع خلال العام الماضي جراء بعض الاجراءات الحكومية الايجابية.
وفي جانب النفقات العامة تجاوزت نسبة الارتفاع 22% وذلك بفعل نمو الانفاق الجاري بنسبة 20.4%، ونمو الانفاق الرأسمالي بنسبة تزيد عن 68%، في حين أن تقديرات الموازنة بلغت 6% لنمو النفقات العامة، و4.8% للنفقات الجارية و 16.5% للنفقات الرأسمالية.
ورغم الارتفاع الواضح في نسب نمو النفقات الا أن ذلك يفسر بالاقرار المبكر لموازنة عام 2025 مقارنة بالعام السابق مما أتاح البدء مبكراً في الانفاق الرأسمالي وهذا تطور ايجابي نأمل أن يتيح استخدام كامل المخصصات الرأسمالية خلال العام الحالي وفق ما هو مقرر مما ينعكس ايجاباً على النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل
أما على صعيد عجز الموازنة بعد المنح فقد بلغت نسبته 5.7%، مقارنة مع 5.5% خلال نفس الفترة من العام السابق وهذا يعكس تراجع المنح وزيادة الانفاق، الا أن هذه النسبة تبقى خاضعة للتطورات المستقبلية في جانبي الايرادات والنفقات.
كما أسلفت من المبكر الحكم على نتائج اداء المالية العامة وعلى ما قد استجد خلال الثلث الاول من هذا العام أو ما قد يطرأ من تطورات اقتصادية ومالية خلال الفترة القادمة.
الا أنه من المهم الاستمرار في التقييم الدوري المستند الى بيانات محدثة تتيح لأصحاب القرار متابعة التطورات والمستجدات المحلية والاقليمية والعالمية واتخاذ الاجراءات المناسبة وبما يضمن الحفاظ على منعة الاقتصاد الوطني وعلى المقومات الاساسية التي تضمن استمرار نموه وتطوره.