راكان الخوالدة - قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن رفع العقوبات عن سوريا يشكل صفقة استراتيجية للأردن، على مستويين أساسيين، يتمثل الأول في تقليل تبعات الأزمة السورية والتدرج في التخلص منها، والثاني في انخراط الأردن بجوانب متعددة من مرحلة ما بعد الأزمة، لا سيما الاقتصادية منها، بما في ذلك استعادة السوق السوري لصالح الصادرات الأردنية، وتعزيز الدور اللوجستي للأردن في عملية إعادة الإعمار، من خلال تجهيزات وبنى تحتية قادرة على دعم هذه العملية.
وأكد عايش وفق تصريحات صفحية لـ"أخبار البلد" أن التحول الكبير المتوقع في سوريا يمثل فرصة استثمارية سانحة، مشيرًا إلى أن الموقع الجغرافي للأردن يؤهله للعب دور محوري في القطاع الصناعي والخدماتي في سوريا، ويدعم قدرته على الاستفادة من فرص الربط الكهربائي مع سوريا ولبنان، وتصدير الطاقة، وتعزيز التبادل التجاري.
وأضاف أن التبادل التجاري الأردني السوري يبلغ حاليًا نحو 635 مليون دينار سنويًا، ويمكن رفعه إلى مليار دينار في مراحل لاحقة، من خلال زيادة الصادرات الأردنية، وتعزيز الشراكات الثنائية، والعمل على إطلاق تجارة حرة على جانبي الحدود، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاج.
ودعا عايش إلى تفعيل الخطط الأردنية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، من خلال إنشاء مؤسسات متخصصة بإدارة الملف السوري، وتقديم التسهيلات اللازمة للشركات الأردنية التي يمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في عملية إعادة الإعمار.
وطالب عايش إنشاء صندوق لخطة الاستجابة الأردنية لإعمار سوريا، يركّز على الاحتياجات ذات الأولوية للسوريين مثل الغذاء والدواء والزراعة، مبينًا أن الأردن يمتلك مقومات ليكون مركزًا مصرفيًا فاعلًا لتمويل مشاريع وتحويلات مالية داخل سوريا.
وشدد عايش على ضرورة تحسين القدرة التنافسية الأردنية في ظل تزاحم المنافسين إقليميًا ودوليًا على فرص الاستثمار في سوريا، قائلًا: "علينا أن نكون مميزين بإنجازاتنا، وأن نكون في مقدمة الدول التي تقدم العون والمساعدة للقطاعات السورية، وعلى مختلف المستويات".
وأشار إلى أهمية أن يكون الأردن مركزًا لإعادة تصدير السلع والمنتجات إلى سوريا، داعيًا إلى تخفيض الأنظمة الجمركية وتيسير عبور السلع ترانزيت، وتقديم التسهيلات للمنتجات المطلوبة شعبيًا ورسمياً في الداخل السوري، وتفعيل آليات التغذية الراجعة لفهم طبيعة الحاجات على الأرض.
واختتم عايش حديثه بالتأكيد على أن عودة السوريين إلى بلادهم تمثل فرصة إضافية للأردن، من خلال تخفيف الأعباء الاقتصادية وتقليل الضغط على الموارد والخدمات الأردنية، خاصة بعد تراجع الدعم الدولي المخصص لملف اللاجئين.
وقال: "علينا أن ننظر إلى مختلف الجوانب الاقتصادية والتجارية والزراعية والتعليمية، وأن نضع في الحسبان أهمية تحقيق الاستقرار السياسي في سوريا، كمدخل لتعزيز التعاون، وتجاوز المنافسة، وفتح آفاق استثمارية وإنشائية مستقبلية، بما يسهم في بناء علاقة استراتيجية طويلة الأمد مع سوريا الشقيقة".