محرر الشؤون المحلية - موظف رقابي من فئة إدارية متوسطة، جرى انتدابه من قبل أحد الوزراء، بالتعاون مع المؤسسة التي يعمل بها، ليكون مديرًا ماليًا في إحدى الوزارات الخدماتية. هذه الوزارة أغدقت على الموظف المنتدب الكثير من الحوافز والإغراءات والمكافآت المالية والإدارية، ليكون ضمن كادرها ومدرائها في خدمة "صاحب المعالي" ووزارته الموقرة، فدلعوه ومنحوه ما يستحق وما لا يستحق.
لكن، تم اكتشاف أمره ذات ليلة؛ إذ تبين أن هذا الموظف صرف مبالغ مالية كبيرة، وحصل على وقود بطريقة مخالفة للقانون والتعليمات المالية والإدارية. هذا دفع الجهات المسؤولة لطلب استرجاع ما حصل عليه من وقود والسيارة الحكومية التي صُرفت له دون وجه حق، والتي استخدمت بطريقة مخالفة لأوامر صرفها.
للأسف، لم يتم تحصيل تلك المبالغ حتى وقت طويل، وتم التراخي في استعادة حقوق الخزينة لأسباب متعددة لا نريد الخوض فيها الآن، مع العلم أن المبالغ كبيرة، وقد صُرفت خلال فترة استخدام السيارة الحكومية والوقود المصروف لها. وتُعد هذه القصة معروفة على نطاق ضيق داخل الوزارة، حيث كشفت التحقيقات أساليب صرف السيارة وفواتيرها، وحتى طريقة استقطاب الموظف وتحويله من مراقب إلى مدير "بجرة قلم" أو "قصقصة انتداب".
والأغرب، أن هذا الموظف المراقب، وبعد إنهاء انتدابه وإعادته إلى الجهة التي جاء منها، حصل على فرصة أخرى أكبر شأنًا وأهمية، حيث تم تعيينه مراقبًا لأحد أهم وأكبر القطاعات الحكومية، دون النظر إلى سيرته وتاريخه ومخالفاته، أو الذمم المالية التي لا تزال معلقة في ذمته، والتي لم يجرؤ أحد على تحصيلها.
ويبقى السؤال: كيف يُكافأ موظف بهذه الطريقة قبل تسوية ذمته المالية وتصفيتها؟ هذه حالة تثير التساؤل حول غياب المساءلة، وتكشف عن مشهد رقابي ضبابي، وكأن المال العام لافتة مهملة في شارع ضيق يطل على متاهات الشفافية الغائبة.