مازالت كلمات المستشار الألماني فريدريش ميرتس والتي وصف بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "ربما أخطر مجرم حرب في عصرنا” تثير الجدل في ألمانيا لا سيما بعد رد الكريملين الغاضب على برلين.
وفي خطوة غير مسبوقة من جانب برلين، فجّر المستشار الألماني جدلاً واسعًا بهذا الوصف والتصريح العلني والحاد، الذي جاء خلال مقابلة تلفزيونية على قناة Sat.1 الألمانية، أثار عاصفة سياسية ودفع الكرملين إلى ردّ سريع وحاد.
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف اعتبر تصريحات ميرتس "غير موفقة”، مؤكّدًا أن مثل هذه المواقف تجعل من الصعب أخذ اقتراحاته حول أي عملية سلام على محمل الجد. وكان ميرتس قد دعا سابقًا إلى عقد مفاوضات سلام بين موسكو وكييف في جنيف، لكن حديثه الأخير عن "ضرورة التعامل مع مجرمي الحرب بلا تساهل” نسف فرص أي حوار مباشر.
التصعيد الألماني جاء على خلفية استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي وصفها ميرتس بأنها "إرهاب منظم ضد المدنيين” و”جرائم حرب موثقة”. المستشار شدد على أن أي حلول لا يمكن أن تمر عبر "الثقة في وعود بوتين”، بل عبر إنهاك روسيا اقتصاديًا، من خلال فرض رسوم وعقوبات إضافية على الدول التي لا تزال تتاجر معها.
وفي واشنطن، جاء الموقف منسجمًا مع خيبة أمل غربية متزايدة. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي استضاف بوتين في منتصف أغسطس بقمّة ألاسكا على أمل إطلاق عملية سلام، أعرب مؤخرًا عن إحباطه قائلاً: "أنا محبط جدًا من الرئيس بوتين… كنا نملك علاقة جيدة، لكن الآن أنا خائب الأمل”.
الجدل المتصاعد يعكس مأزقًا دوليًا متعمقًا: برلين تتبنى خطابًا أشد حدة ضد موسكو، واشنطن تفقد الثقة في تعهدات بوتين، فيما يواصل الكرملين حربه غير آبه بالضغوط الدبلوماسية. والنتيجة: تصاعد المواجهة السياسية إلى مستوى غير مسبوق، حيث تُطرح مجددًا أسئلة حول فاعلية المبادرات السلمية وواقعية كسر آلة الحرب الروسية بالاقتصاد وحده.
وفي ذات السياق أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الدعم العسكري لأوكرانيا هو مسألة تخص الدول الأعضاء في ما يعرف بـ”تحالف الراغبين” وليس من اختصاص المفوضية الأوروبية.
وفي مقابلته مع قناة "سات1.”، قال ميرتس الثلاثاء إن "الاتحاد الأوروبي غير مختص بهذا الشأن”.
وجاء ذلك ردا على تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حيث تحدثت الأخيرة – وفقا لصحيفة فايننشال تايمز- عن وجود خطط دقيقة لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وكان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس وجه انتقادات حادة لتصريحات فون دير لاين أول أمس الاثنين.
وأوضح ميرتس أنه لا توجد مثل هذه الخطط المحددة لنشر قوات عسكرية "على الأقل في ألمانيا”، مشيرا إلى أن اتخاذ أي قرار بشأن توفير ضمانات أمنية طويلة الأمد لن يكون ممكنا إلا إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو تم إبرام اتفاق سلام.
وأضاف ميرتس رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي (الذي تنتمي إليه فون دير لاين) أنه حتى في ظل هذه الظروف، فإنه سيضع "تحفظات كبيرة” على نشر قوات ألمانية، وقال: "ذكرنا في موضع آخر أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة البرلمان الألماني”. أوضح أيضا أن ذلك يتوقف على طبيعة الاتفاق الذي قد يتم التوصل إليه مع روسيا. وأضاف: "لا تزال هناك عقبات كثيرة جدا في الطريق، وربما سيستغرق الأمر وقتا طويلا”.
وتستقبل العاصمة الفرنسية باريس غدا الخميس اجتماعا لـ”تحالف الراغبين”، والذي يضم نحو 30 دولة، وسيشارك بعض الأعضاء في هذا الاجتماع عبر الفيديو. ومن المقرر أن تتناول المباحثات قضايا من بينها ضمانات أمنية لأوكرانيا في مرحلة ما بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار.