خاص - مبنى محافظة العاصمة الآن ليس كما كان زمان، من يزور المحافظة هذه الأيام سيكتشف أنها خاوية على عروشها "وبترمي الابرة بتسمع دبيبها" ، حيث ضجيج الصمت يملأ المكاتب المعاد تأهيلها وتحديثها وتطويرها، البلاط يلمع ،رائحة المكان اورينتال ، المكاتب جديدة كل في مكاتبه لا دخان او سجائر، المعالم الإرشادية وكأنها إشارات مرور، والأهم أن الساحات الخارجية وكأنها أرض مطار مخططة ملونة لا "عجقة سيارات" أو فوضى وازدحامات ، كل يعمل على طريقة "خلية النحل" كساعة ايرلندية يدوية .. وبكل أمانة من لم يزر المحافظة عندما كانت سجن أو مركز إصلاح في عهود سابقة عندما كانت جدرانها مهترئة وبواباتها صدئة والجمهور وكأنهم حلقات دبكة أمام دوار الداخلية، حيث سيارات السجون ورجال الامن العام والمواطنون يشتبكون في لوحة سريانية متداخلة الألوان في منظر كان يسيء إلى صورة البلد ومؤسساته السيادية بطريقة لم تكن تليق لا بالداخلية ولا بالحاكم الإداري، ولا حتى بالمواطن الذي كان يشعر أن المحافظة موجودة فقط للتوقيف الإداري او لفك الاشتباكات بين الجيران وملاحقة مطلقي الرصاص وما شابه.
مبنى محافظة العاصمة يحمل أكثر من معنى ورمزية ودلالة وفكر ونهج ، فتجد التحدث الاداري موجود كخطة ورؤية وفلسفة ، فكل شيء معروف سلفا الاتمتة والخدمات الالكترونية حاضرة كممارسة لا كشعار ، وهذا ينطبق على الجميع من المحافظ حتى أصغر موظف في حرم مهم وأقدم مؤسسة سيادية حملت لافتات وعناوين على جدرانها التي تروي وتحكي قصة بلد صمد وبقى من خلف هذا المبنى الذي أحتضن الكرة الارضية كشعار معلق على دوار يحمل اسم عبد الناصر.. الداخلية حولت الابواب الداخلية والامامية الى الخلفية ونظمت الدور واحترمت المراجع ووضعت له ممر وممشى ومظلية وموظفين وأمن وقبل كل شيء كرامة وانسانية قبل أن تكون سيادة وسلطة وجبروت.
محافظة العاصمة وليس المهم كل ما تحدثنا به عن تطوير في المنظومة وتجديد وتحسين في النظام والاشتباك بل اصبحت مؤسسة اكثر فاعلية وكفاءة فهي مصنع ترسم نهج وفكر وتحقق اهداف البلد واستراتيجية الدولة ، فدخلت ميمعة الإصلاح وتجاوزت التحديات وواكبت المتغيرات والتغيرات وصنعت لها مكانا قد يكون مخفيا ومستترا ولكنها حكاية على أن المسؤول والحكومة ان ارادت ان تعمل شيئا بإمكانها صنع ذلك .. القائمين على المحافظة لم يتعاملوا مع المنصب وظيفة وسلطة بل تعاملوا على ان هذا المكان لخدمة الشعب وللوطن، وكم نتمنى من المحافظات المجاورة او على اكتاف الاطراف ان تأخذ من تجربة محافظة العاصمة روحا تستلهم حضورها وامتدادها ، ويبقى شيئا كنت اتمنى لو ان المحافظة ابتعدت عنه وتركته لأصحاب الاختصاص، هو موضوع متابعة تراخيص مستحدثة تتعلق بمواضيع السلامة العامة، لاننا لا نريد ان تتحول المحافظة الى دائرة تراخيص ومهن ، نريدها مؤسسة تمثل رمزا لهيبتها ومكانتها ودورها وتطورها، ولا ننسى هنا جهود وزارة الداخلية ودعمها المستمر ومحافظ لا يخشى بالحق لومة لائم، صادق ومنتمي وصاحب كلمة ومسيرة وسيرة وسريرة ياسر العدوان.