وفي ظل هذا التحدي الكبير الذي يحدق بالمملكة، والتي تصنف أفقر دولة مائيا في العالم، بات لزاما إعادة النظر وبشكل واقعي، في التركيز على معالجة ندرة المياه عن طريق حلول الطاقة المتجددة.
معالجة ندرة المياه
فهذه الحلول التي دعا لأهمية تبنيها، تقرير صدر مؤخرا عن مؤسسة "فندز فور إن جي أوز"، وحصلت "الغد" على نسخة منه، أظهر بأن مقترح مبادرة شاملة بعنوان "معالجة ندرة المياه في الشرق الأوسط من خلال حلول الطاقة المتجددة"، يرتكز على أهمية إنشاء محطات تحلية مياه تعمل بالطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة لأنظمة ري لزيادة توافر المياه للمجتمعات المحلية، وتعزيز الإنتاجية الزراعية.
ونتيجة لكامل عوامل التغيرات المناخية وعوامل أخرى، حذر التقرير من معاناة دول مثل الأردن، واليمن، وسورية من نقص حاد
في المياه، يُهدد الصحة العامة والإنتاجية الزراعية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي العام.
وإضافةً إلى ذلك، يُعقّد عدم الاستقرار السياسي والصراع، جهود إدارة المياه، ما يُعيق وصول الملايين للمياه النظيفة والخدمات الأساسية.
وفيما تواجه المملكة أعلى معدلات فقر مائي عالميا، إذ يقل نصيب الفرد السنوي من المياه كثيراً عن الحد الأدنى المعتمد عالميا، والبالغ حاليا نحو60 م3 سنويا، في المقابل، يزخر الأردن بموارد طبيعية غير تقليدية يمكن استغلالها، وعلى رأسها مصادر الطاقة المتجددة.
استدامة مائية طويلة الأمد
وهنا، يتوجب الوقوف على إمكانية توظيف هذه الموارد النظيفة بمنهجية وتكامل، للحد من التبعية الطاقية، وتحقيق استدامة مائية طويلة الأمد.
وهنا، يتوجب الوقوف على إمكانية توظيف هذه الموارد النظيفة بمنهجية وتكامل، للحد من التبعية الطاقية، وتحقيق استدامة مائية طويلة الأمد.
ويستهدف هذا النوع من المشاريع؛ بناء مستقبل أكثر مرونة للمنطقة العربية، وضمان الوصول لموارد المياه الأساسية، وتعزيز التنمية المستدامة فيها، وسط دعوات للجهات المعنية والشركاء والمانحين للتعاون في هذه المبادرة الحيوية لضمان مستقبل آمن مائيًا للمجتمعات في المنطقة.
ففي هذا السياق، يعيش الأردن واقعاً مائياً هشاً، إذ يعاني من فقر مائي مزمن تفاقم بفعل التغيرات المناخية والنمو السكاني واللجوء القسري، وبالتالي فإن الحاجة باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، لإعادة التفكير بأدوات إدارة المياه، بخاصة في ظل الاعتماد الكبير على مصادر المياه الجوفية ومحدودية مصادر المياه السطحية، وذلك بدمج حلول الطاقة المتجددة في البنية التحتية المائية.
ووقوفا على ملابسات هذا الترابط، حذرت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي من مخاطر مواجهة الأردن نقصا حادا في المياه بحلول العام 2030، ما يدفعها للمضيّ نحو تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي، لضمان أمنها المائي وسدّ حاجات الزراعة.
تحسـين أمـن الميـاه بتوفيـر الطاقـة
وأشارت الزعبي، لأهمية دور الطاقـة المتجـددة بالمساهمة في تحسـين أمـن الميـاه بتوفيـر الطاقـة اللازمـة عـن طريـق التقنيـات المعتمـدة علـى الميـاه، كتوزيـع الميـاه، ومعالجــة ميــاه الصــرف الصحــي.
وأشارت الزعبي، لأهمية دور الطاقـة المتجـددة بالمساهمة في تحسـين أمـن الميـاه بتوفيـر الطاقـة اللازمـة عـن طريـق التقنيـات المعتمـدة علـى الميـاه، كتوزيـع الميـاه، ومعالجــة ميــاه الصــرف الصحــي.
وقالت "يمكــن للطاقــة المتجــددة، أن تعــزز أمــن الطاقــة أيضــاً بتوفيــر مصــادر طاقــة أقــل اســتهلاكا للميــاه، وتعزيــز الوصــول إليهــا، والقــدرة علــى تحمــل التكاليــف، والسلامة".
وتابعت "اللجوء لتحلية المياه، من أهم الحلول اليوم في الأردن لتأمين موارد مائية جديدة". مبينة أن تقنية التحلية تعرضت لانتقادات، كونها تستهلك الكثير من الطاقة، وبالتالي تؤثر سلبا على البيئة، بالإضافة لدورها برفع الأحمال على موازنة الدولة، ما دفع السلطات لدراسة إمكانية الاعتماد على الطاقة الشمسية لتخفيض التكلفة.
وأوضحت الزعبي، أنه في عالم يواجه تحديات بيئية متزايدة ونقصا متناميا بالموارد الطبيعية، أصبح من الضروري البحث عن حلول مستدامة، تلبي احتياجات المجتمع وتحافظ على البيئة.
وزادت "تتجه الأنظار حاليا لاستخدام طاقة البيوغاز، التي تُعتبر واحدة من أبرز الابتكارات بمعالجة المياه عن العادمة"، مشددة على أهمية استغلال هذه الطاقة ودورها في المساهمة بتوفير حلول فعالة لمشكلات المياه والطاقة، ما يشكل خطوة لتحقيق الاستدامة البيئية.
تزايد الضغوط السكانية
كما يسهم الاستثمار بحلول متكاملة وفق منهجية الترابط بين المياه والطاقة والبيئة والغذاء، وتحقيق مكاسب تنموية أعلى مقارنة بالحلول القطاعية المنفردة، بالتزامن مع السعي لنقل وتبادل الخبرات وبناء القدرات البشرية بين الدول العربية، باعتبار ذلك من الركائز الأساسية لرفع كفاءة إدارة المياه، وفق الزعبي.
وعودة لتفاصيل التقرير مثار الدراسة، فإن أكثر مناطق العالم ندرة في المياه هي المنطقة العربية، عازيا هذه الندرة لعدة عوامل، منها تزايد الضغوط السكانية، والتوسع الحضري السريع، والطلب الزراعي، وتغير المناخ. ووفق البنك الدولي، يُستنزف أكثر من 60 % من موارد المياه في المنطقة بشكل مفرط، ما يؤدي لاستنزاف حاد للمياه الجوفية وتدهور بيئي كبير.
ويُفاقم تغير المناخ هذه التحديات، متمثلًا بأنماط هطول الأمطار غير المنتظمة، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات التبخر. إذ يؤكد التقرير، ضرورة إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، تتيح تقنيات الطاقة المتجددة، بخاصة الشمسية والرياح، إمكانات كبيرة لإحداث نقلة نوعية في ممارسات إدارة المياه في المنطقة.
تحسين أنظمة الري
وأشار لإمكانية تسخير هذه التقنيات، لتشغيل محطات تحلية المياه، وتحسين أنظمة الري، والارتقاء بعمل شبكات توزيع المياه، ليؤدي ذلك لزيادة توافر المياه النظيفة للشرب والاستخدام الزراعي. لافتا لإمكانية استخدام الطاقة الشمسية المتوافرة بكثرة في المنطقة، لتشغيل محطات تحلية المياه بالتناضح العكسي، لتوفر مصدرًا مستدامًا للمياه العذبة من مياه البحر.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لطاقة الرياح أن تُكمّل الطاقة الشمسية، بخاصة في المناطق ذات أنماط الرياح القوية والمستقرة، وهذا يتيح حلولًا مستمرة لإمدادات المياه، وفق التقرير الذي شدد على دور دمج الطاقة المتجددة مع إستراتيجيات إدارة المياه بالمساهمة في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض تكاليف التشغيل، والحد من الآثار البيئية.