أضاءت منطقة ماركا من أجل المرحوم "رائد علي توفيق العبداللات" الشموع، ومثلها باقي مدن المملكة بعدما سمعوا قصة وفاء رائد البار بأمه، فقد فارق الحياة بعدما فقد بركتها وحنينها ودعائها.. نعته ماركا بحاراتها وأزقتها فكانت جنازته كبيرة معبرة صامتة.. فقد لحق بأمه ليدفن معها.. لقد كان رائد رمزا مقدرا مهيبا أحبه الناس، فوقف في جنازته التي أهل ماركا المفجوعين بالنهاية الحزينة، العارفين لقلب رائد الملهم بوالدته.. كلهم وقفوا احتراما وتقديرا لوفاءه واجلالاً لقيمة الام التي أكرمها الله جل إكرام وأمر ببرها..
رائد الذي ناضل لأجل والدته وخاض معركة الحياة عازبا معطاء متفرغا لأمه "فلحه سالم العبداللات" وفي إرساء وتعميق مفاهيم الإنسانية والقيمية الاجتماعية، فكانت قصته تدوي حتى غادرت أمه الحياة في لحظة لم يتحملها، فأبى العيش دون النظر في وجهها وسماع صوتها ودعائها، فكان الموت الذي قهره وغص قلبه الدافئ الذي لم يتحمل الفراق .. ليلتحق بجانب والدته الراضية المرضية وكأن قلبه يلتصق بقلبها، فما أن توقف قلبها انتهاء لأجلها حتى شعر أن قلبه لن يمهله الوقت لدفنها فجاءه الموت ليلحق بنصفه الثاني دون ضجيج.
أسلم رائد الروح بعد ساعتين من وفاة أمه وهو نائم على فراشه، الذي يقابل فراشها، 47 عامًا من البر الذي عاشه سلوكا وحبا ودلالا، أسلم رائد الروح فالارتباط العاطفي العميق تجذر حتى بدت نبضات قلب أمه منبها له في الحياة..
لقد رضي الله عن رائد طيب اللسان فاستجاب لدعاءه واستظله برحمته، فقد أوصى في حياته أن يدفن إلى جانب والدته ليكون مرافقا لها في حياتها وبعد موتها ونال مبتغاه، فأكرموه من عرفوه وأحبوه بتنفيذ وصيته ليدفنا معا، نفذت وصيته التي لم يجف حبرها ولا صداها.
رحمك الله يا رائد رحمة واسعة، ورحم والدتك المربية فلقد تركت فيمن عرفوك، ما سيجعل كل هؤلاء يتذكرونك .. ولعل هذا البر وهذا الإحسان وهذا العطاء هو الثروة والكنز الذي يثقل به ميزان حسناتك وإلى جنات الخلد .