تترقب الأسواق العالمية اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اليوم الأربعاء، حيث تشير التوقعات بقوة إلى خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى هذا العام.
تأتي هذه التوقعات على خلفية بيانات أضعف من المتوقع عن سوق العمل الأمريكي لشهر أغسطس/آب، دفعت بنك "أوف أمريكا" إلى تعديل تقديراته، متوقعًا خفض الفائدة مرتين خلال العام الجاري في اجتماعي سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول، بعدما كان يستبعد أي خفض قبل 2026.
وأكد أديتيا بهافي، كبير محللي البنك، أن الأرقام الأخيرة تشير إلى تراجع الطلب على العمالة، وليس المعروض فقط، متوقعًا ثلاث تخفيضات إضافية في 2026 بواقع ربع نقطة مئوية، بحيث تستقر النسبة المستهدفة للفائدة بين 3% و3.25% مقارنة بالمستويات الحالية البالغة 4.25% إلى 4.5%.
التضخم الأمريكي تحت المجهر
تسارع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة في أغسطس/آب، مسجلًا أعلى مستوى له منذ يناير/كانون الثاني، بعد استقراره عند 2.7% في يونيو/حزيران ويوليو/تموز.
وسجّل مؤشر أسعار المستهلكين زيادةً مُعدّلة موسميًا بنسبة 0.4% خلال الشهر الماضي، أي ضعف الشهر السابق، ليصل معدل التضخم السنوي إلى 2.9%، مقارنة بالتوقعات البالغة 0.3% و2.9% على التوالي.
وارتفع معدل التضخم الأساسي -الذي يستبعد منه أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة- بنسبة 0.3% في أغسطس/آب، كما في يوليو/تموز، مع ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، والسيارات المستعملة والجديدة، والملابس.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي الخميس، ارتفاع معدل التضخم الأساسي على مدار الـ12 شهراً المنتهية في أغسطس/آب، بنسبة 3.1%، وهو ما جاء موافقًا للتوقعات.
وشهد مؤشر الطاقة ارتفاعاً شهريًا بنسبة 0.7%، مع زيادة أسعار البنزين بمقدار 1.9%، ما ساهم في رفع معدل التضخم الشهري.
ويتوافق مسار منحنى التضخم الأمريكي مع اتجاهات وول ستريت، حيث تعكس عقود المقايضة احتمالات قوية لخفض الفائدة في سبتمبر/أيلول، إلى جانب خفض إضافي بواقع ربع نقطة مئوية قبل نهاية 2025.
تغير في مواقف البنوك الكبرى
حتى أبريل/نيسان الماضي، كان "أوف أمريكا" من بين المؤسسات القليلة التي استبعدت خفض الفائدة في 2025، متوقعًا أن يبدأ الفيدرالي دورة التيسير في النصف الثاني من 2026.
لكن التحولات الاقتصادية دفعت مؤسسات أخرى مثل "مورغان ستانلي" لتوقع أربع تخفيضات متتالية حتى يناير/كانون الثاني 2026، تبدأ بخفض 0.25% في الاجتماع المقبل.
أمريكا وبريطانيا.. «علاقة خاصة» تجددها صفقات استثمارية ضخمة
تراجع شعبية «لابوبو» تعصف بأسهم «بوب مارت».. أكبر تراجع منذ أبريل
باول يلمح والتضخم يضغط
تصريحات جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، خلال ندوة "جاكسون هول" في أغسطس/آب الماضي، أظهرت ميلًا واضحًا نحو خفض الفائدة في سبتمبر.
في المقابل، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط على البنك المركزي، متوقعًا "خفضًا كبيرًا" هذا الأسبوع لتخفيف عبء الدين الأمريكي.
وول ستريت عند مستويات قياسية
قبيل الاجتماع، سجل مؤشرا "ستاندرد آند بورز 500" و"ناسداك" مستويات قياسية جديدة، مدفوعين بالقفزة في سهم "تسلا" بعد أن كشف إفصاح تنظيمي عن شراء إيلون ماسك نحو مليار دولار من أسهم الشركة، ما رفع السهم بنسبة 5.8% إلى أعلى مستوى منذ يناير/كانون الثاني.
وتشير بيانات "LSEG" إلى أن الأسواق تتوقع خفضًا تراكميًا يصل إلى 68.9 نقطة أساس بنهاية 2025.
أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في أول 5 اجتماعات له خلال 2025، بعدما خفضها العام الماضي 100 نقطة أساس لتتراوح بين 4.25% و4.5%.
لكن مع ارتفاع التضخم إلى 2.9% في أغسطس/آب مقابل 2.7% في يوليو/تموز، وضغوط الرسوم الجمركية وارتفاع أسعار السلع والخدمات، يبدو أن خفض الفائدة بات الخيار الأقرب لدعم النمو الاقتصادي.